الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة وحـيـدة الـدريـــدي: واقعنا اليوم أكثر فظاعة من الدراما الرمضانية

نشر في  07 جوان 2017  (11:27)

هذه رسالتي الى يوسف الشاهد وأم الشهيدين

اقترضت أموالا للقاء سامي الفهري!

 رغم وفرة الأعمال الدرامية الرمضانية هذه السنة وتنوعها واحتدام المنافسة بين مختلف القنوات، فان المشاهد التونسي لم ينتظر كثيرا ليحسم موقفه وينتصر الى الجزء الثالث من مسلسل «أولاد مفيدة» على قناة الحوار التونسي، وهو ما لمسناه ـ لا فقط من خلال نسب المشاهدة ـ حسب بعض الأراء على صفحات التواصل الاجتماعي، ومن أبرز الشخصيات التي حافظت على مكانتها في شدّ انتباه المشاهد بأدائها المتميز وتلقائيتها، الممثلة وحيدة الدريدي التي جسدت دور «مفيدة» هذه الممثلة التي استطاعت بفضل حنكتها وتجربتها التي تبلغ اليوم 20 سنة في مجالات مختلفة من المسرح الى السينما والدراما، استطاعت أن تكون نجمة رمضان الى حدّ هذه اللحظة رغم تقلص حجم دورها في هذا الجزء مقارنة بالاجزاء السابقة .
وحيدة الدريدي التي تميزت في أدوار مختلفة من «نساء شهيرات» لسلمى بكار مرورا بـ«حسابات وعقابات» الى «الزوجة الخامسة» و«عطر الغضب» و«أجل عيون كاترين» و«خطى فوق السحاب» و«مكتوب» وغيرها من الأعمال، كان لدورها في «أولاد مفيدة» وقع مختلف على المشاهد الذي بات يلقبها بـ«مفيدة».
حول هذا الجزء من «أولاد مفيدة» وكواليس المسلسل، وعديد التفاصيل الأخرى كان لنا حوار مع «وحيدة الدريدي».

يشارف الجزء الثالث من «أولاد مفيدة» على الانتهاء، كيف تقبلت ردود أفعال المشاهد الى حدّ هذه اللحظة؟
الأراء مختلفة ومتنوعة وشخصيا لا أستطيع الحكم عليها الا بعد نهاية العمل، ففي كل حلقة اطالع واستمع الى اراء مختلفة عن الحلقة التي تسبقها، حيث تختلف ردود الأفعال حسب المشاهد والمضمون والأحداث المتسارعة لهذا أفضل انتهاء المشاهد من متابعة هذا الجزء ومعرفة رأيه في العمل ككل .
صراحة، ألا تعتقدين أن هذا الجزء فقد بريقه مقارنة بالأجزاء السابقة ؟
لا هذا غير صحيح، بل كل ما في الأمر أن الأحداث التي تمر بها البلاد تزامنا مع عرض المسلسل وغيره من الأعمال من الطبيعي ان تؤثر سلبا على الاعمال الدرامية ككل، فما عاشته بلادنا منذ بداية شهر رمضان من احداث متسارعة من شأنها أن تؤثر على تركيز المشاهد وتشتت انتباهه وهذا امر طبيعي، لأن ما نمر به يدمي القلوب، من جهة أخرى أنا لا أنفى ان انفتاح العمل على احداث ومحاور اخرى ادخل نوعا من الارتباك في المشاهد الذي تعود على محور معين وهو مفيدة وابناؤها.
هل نفهم من كلامك أن ما مرت به بلادنا من احداث، كان له انعكاسات على «أولاد مفيدة»؟
بطبيعة الحال بل اثر على حياتنا اليومية ككل، ونفسيتنا بصفة عامة، ولعل ما عاشه دوار السلاطنية مؤخرا والطريقة البشعة التي اغتيل بها خليفة السلطاني كان بمثابة الصدمة للشعب التونسي التي جعلته ينفر من كل شيء، وهنا اشير الى أمر في غاية الاهمية وهو ان نفسية التونسي ازدادت ترديا بعد تعمد البعض نشر صور الشهيد دون مراعاة لا لعائلة الضحية ولا لما قد تخلفه تلك الصور من صدمة للمتلقي، وهو ما يجعل من الدراما مسألة ثانوية لأن الدراما الواقعية اكثر فظاعة من الدراما التلفزية .
هل سنشاهد جزءا رابعا من «أولاد مفيدة» ؟
لا لن يكون هناك جزء آخر من المسلسل لان سامي الفهري ومنذ البداية أعلن انه سيكون هناك 3 اجزاء من المسلسل، وعموما الفهري منكب حاليا على كتابة سيناريو جديد.
هل من فكرة عن هذا العمل الجديد؟
ما أعلمه وما أخبرني به سامي أنه يكتب حاليا سيناريو مسلسل جديد سيكون مختلفا تماما عن «مكتوب» واولاد مفيدة، صحيح اني لم اطلع بعد على السيناريو لكن هذا ما اكده لي سامي شخصيا .
وهل ستكونين احد ابطاله؟
صراحة لا علم لي ولم يطلعني سامي الفهري على هذه التفاصيل، وعموما اذا كان هناك مقترح شخصية جديدة ومهمة فأنا أرحب بالفكرة بطبيعة الحال.
على مدى 3 اجزاء تقمصت دور الأم المدافعة عن استقرار عائلتها واطفالها، ألا تخشى وحيدة الدريدي الروتين؟
شخصيا لا أحبذ الروتين، بل احب التجديد في الشخصية لأنّي ارى في تجدد الشخصية تحديا لنفسي، فالممثل يصنع الشخصية ويمنحها من ذاتها ومن محيطه ، من جهة اخرى افيدكم انه وبعد 20 سنة من التجربة مازلت ارى نفسي مجرد هاوية وأتمنى أن اكون اكثر من امرأة في امرأة واحدة .
لكن هناك اكثر من ممثل وممثلة في تونس ارتبطت اسماؤهم بشخصيات معينة، الا ترين ان جلباب الأم سيلاحقك انت الاخرى؟
هنا يكمن دور الممثل الذي يقبل ان يحصر في شخصية واحدة دون تجديد او اضافة ، وشخصيا لا اؤمن بهذا المنطق حيث بامكاني تقديم ادوار وشخصيات اخرى تنسي المشاهد شخصية مفيدة، للأسف بعض الممثلين ولظروف مادية واجتماعية يضطرون الى تكرار أنفسهم رغم ما تزخر به شخصيتهم من مواهب وقدرات، لأنهم وببساطة لا يستطيعون رفض هذه الادوار لضيق السوق اولا وارتباط الدراما بشهر واحد في السنة، وبالتالي وحتى يضمن البعض قوته وقوت اطفاله تجده مضطرا للموافقة، وهذا الامر لا ينطبق علي لأني موظفة الى جانب كوني ممثلة وبامكاني رفض الادوار التي لا تروق لي..
في رصيدك 20 سنة من التجربة.. لكن «مفيدة» هي سبب شهرتك، فهل بامكاننا القول اان وحيدة الدريدي مدينة لسامي الفهري؟
صحيح أنا مدينة لسامي الفهري، لكن ليس لأنه منحني دورا هاما في عمله رغم أني لا اعرفه في السابق، بل لأنه ساهم في خروجي من مرحلة صعبة في حياتي والوقوف مجددا بكل ثبات امام الكاميرا حيث كنت اعاني في تلك الفترة من ازمة صحية واضطررت الى اخذ اجازة طويلة المدى من عملي، كما ان ظروفي الاجتماعية كانت قاسية جدا، حيث كانت امي تنفق علي وعلى اطفالي وفجأة اتلقى اتصالا هاتفيا يعلمونني فيه ان سامي الفهري رشحني لدور في عمله الجديد، ولن اذيع سرا ان اخبرتكم انني اضطررت في تلك المرحلة لاقتراض بعض الاموال للتنقل ولقائه، وبمجرد لقائي به لم يعجبني الكاستينغ ولم اقتنع بشخصية ابنائي الثلاثة في العمل، فانسحبت، وبعدها بيومين تلقيت اتصالا من سامي اخبرني انه هو الاخر لم يكن مقتنعا ورشح شخصيات جديدة ومن هناك انطلقت رحلتي مع «اولاد مفيدة» .
يعني كان لك دور في تغيير شخصيات المسلسل؟
انا اقترحت مجرد رأي، ولو كان الفهري مقتنعا بالكاستينغ الاول لا اعتقد انه كان سيغيره، عموما انا مدينة لسامي انه مكنني من التخلي عن الادوية والعلاج واستعادة حياتي الطبيعية وهذا اهم بالنسبة لي من الشهرة وحجم الدور .
وماذا عن الفضل المادي وخروجك من ازمتك ؟
اريد توضيح مسألة في غاية الأهمية وهي أننا نتقاضى نفس الاجور التي يتقاضاها غيرنا في بقية الاعمال الدرامية ونخضع جميعا الى نفس المقاييس، لكن الفرق الوحيد هو في طريقة التعامل مع الممثل وتوفير كل سبل الراحة له وهذا ما يختلف فيه سامي الفهري مع غيره من المنتجين والمخرجين، حيث يحرص على راحة الممثل ويوفر له كل الامكانات للتفرغ للتمثيل في اريحية تامة، وهو ما يجعلني اليوم لا اتنازل عن هذه الحقوق مستقبلا .
ألا توافقيني الرأي في أن جرعة العنف في هذا الجزء كان مبالغا فيها ؟
اطلاقا، وهل ان الأسلحة المنتشرة في البلاد ليست عنفا وماذا عن مخازن السلاح، وماذا عن الفساد المنتشر ورجال الاعمال المورطين فيه، وماذا عن العنف الذي نشاهده في الشارع اليس برأيك مبالغا فيه، نحن ننقل جزءا من الواقع لا غير، فما عشناه من عنف بعد الثورة افظع بكثير مما تنقله الدراما وعموما تبقى الاعمال الفنية مرآة عاكسة لما نعيشه.
وماذا عن اساءة العمل لصورة المرأة بطريقة لافتة للانتباه؟
تتحدثين وكأن واقعنا مثالي، أنا لم ار أي اساءة للمرأة التونسية ولعلمكم أنا اقطن بالضاحية الشمالية واعرف قصصا افظع من التي ننقلها، وهنا افيدك، أني فكرت في انجاز سلسلة عن واقع بعض النساء وذلك من خلال روايات بعض «التاكسيستية»، روايات يندى لها الجبين.
صراحة ألم تستائي من تقلص حجم دورك في هذا الجزء؟
ما يهمني هو الكيف وليس الكمّ، ولم يكن حجم الدور مهما بالنسبة لي طيلة مسيرتي الفنية المهم ان اكون مقتنعة به وان اتقنه ويترك اثرا لدى المشاهد
شهد هذا الجزء بروز عديد الاسماء الجديدة فماهو تقييمك لها؟
لم التق بهؤلاء الممثلين الجدد باستثناء بسام الحمراوي.
نصحت الباحثة والدكتورة ألفة يوسف المشاهدين بالابتعاد عن مشاهدة اولاد مفيدة واكدت انه يخلف طاقات سلبية لدى المشاهد، فبماذا تجيبينها؟
لقد عرفت الفة يوسف عندما كانت استاذة بكلية الاداب بمنوبة وكنت احترمها جدا، اضافة الى أني احترم اراءها في المسائل المتعلقة بالدين، وبامكان الفة يوسف التعبير عن رأيها بخصوص مضمون العمل ككل لكن ان تعبر عن رأيها في مسائل تهم الاخراج والاضاءة وتقنيات التصوير فهنا لا بد من تنبيهها ان هذه المواضيع ليست من اختصاصها.. هذا ان لم تكن الفة يوسف تخصصت في الاخراج دون علمنا!
احتل المسلسل اعلى نسب مشاهدة، لكن بعض الممثلين لم يعجبهم الامر وبادروا باطلاق حملة ضد شركات سبر الاراء، فماهو ردك على هؤلاء ؟
لا استطيع التشكيك في شركات سبر الاراء بل عندي ثقة فيهم ومتأكدة من صحة الارقام المقدمة، كما ان ردود افعال المشاهدين في الشارع تثبت ان اولاد مفيدة الاكثر مشاهدة، وعموما انا اعذر كل من لم تعجبه الاراء خاصة ان هو اجتهد في عمله وحاول تقديم الافضل .
لماذا لم نرك في اعمال درامية اخرى بالتوازي مع اولاد مفيدة؟
هي مسألة مبدأ فأنا ارفض المشاركة في اكثر من عمل في نفس الوقت وكما سبق واخبرتك هناك بعض الممثلين يضطرون الى المشاركة في اكثر من عمل لظروف اجتماعية لا غير.
كيف رأيت المنافسة الرمضانية هذه السنة؟
اولا انا لم اشاهد اي عمل باستثناء اولاد مفيدة وذلك لانشغالي بعديد المسائل اولها انا ضمن النيابة الخصوصية لبلدية الكرم، اضافة الى انشغالي بدار الثقافة بالكرم وعروض الفداوي.. لكن وحسب ما يصلني من اصداء هناك من اعرب عن اعجابه بمسلسل «الدوامة» على الوطنية وبطبيعة الحال «اولاد مفيدة».، اما عن برامج الكاميرا الخفية فما وصلني لا يسر خاصة «الكلينيك» .
ماذا يعوق الدراما التونسية اليوم؟
ينقصنا التصنيع، وتوزيع الدراما المحلية ونشرها في مختلف ارجاء العالم ولم لا ترجمتها وبيعها وان تكون هناك اعمال على مدار السنة، ثم لماذا تقتني بلادنا ما يقارب 120 مسلسلا تركيا ولا تفرض اتفاقية مع تركيا تلزمها باقتناء الاعمال الدرامية التونسية وترجمتها؟.. اضافة الى ان بعض القنوات الفرنسية مهتمة بالسوق الافريقية لا بد ـ في نظري ـ من انتشار الدراما التونسية وبالتالي تحقيق مداخيل اضافة الى شركات الانتاج .
لماذا هذا الموقف السلبي من الدراما التركية؟
بصراحة الدراما التركية تساهم وبشكل كبير في تضخم الغباء لدى المشاهد كما انها تستبله المشاهد، فما معنى مشاهدة عمل يتكون من 300 حلقة وتمرير حدث واحد في 120 حلقة اضافة الى ان كل الاعمال تحوم حول نفس المواضيع .
بعيدا عن الدراما ماهو جديدك ؟
هناك «حلمة كبيرة» انا بصدد تحقيقها والمتمثلة في انجاز سلسلة تلفزية متكونة من 3 حلقات حول «ماتيلدا بورقيبة» وانا الآن بصدد البحث والتقصي حول الشخصية صحبة زوجي ولطفي العماري.. واشير الى ان عائلة بورقيبة رحبت بالفكرة وعبرت عن رغبتها في مساعدتنا، اضافة الى تواصل عروض مسرحية «الرجعة» ، واعد ايضا عملا مسرحيا من نوع الميلودراما حول المتشردين «اس دي اف» واحداثها تدور بكورنيش المرسى حيث تروي امرأة على الكورنيش يومياتها .
لا تتردين في الاعلان عن مواقفك السياسية على الفايس بوك وهو ما قل ان نراه عند الممثلين؟
انا لا اتردد في التعبير عن رأيي كمواطنة تونسية وانا اليوم عمري 46 سنة اي اني عايشت مراحل مختلفة لبلادنا وبامكاني الحكم لقد عايشت تونس القديمة وتونس ما بعد الثورة واهم ما لاحظته ان التطور الاجتماعي يتجه نحو كل ماهو سلبي اضافة الى كوني متمكنة نوعا ما من الشأن السياسي بحكم دراستي بكلية الاداب بمنوبة اضافة الى اهتمام عائلتي بكل ماهو سياسي، صحيح اني غير متحزبة لكن لي اراء ادلي بها .
رسالتك الى يوسف الشاهد؟
لقد اعلن يوسف الشاهد الحرب على الفساد وانا اثق به الى ان يثبت عكس ذلك، فان هو استمر في حربه سأسانده الى الاخير وان هو تراجع سأكون اول من يقف ضده .
ماذا تقولين لزعرة أم الشهيدين؟
«سامحينا» واترجاها ان تغفر لنا لأننا لم نقم بالواجب ولم نستطع حماية اطفالها .

حاورتها: سناء الماجري